ضرب رجال الأمن أمس الأطباء بالهراوات وعنفوهم ودفعوهم بشدة وهددوهم بالتوقيف ومنعوهم بالقوة من الإقتراب من مقر رئاسة الجمهورية، أو تنظيم التجمع أمام الرئاسة، وأجبروهم على التجمع في الطريق الفرعي علي حداد المتفرع عن الشارع الرئيسي لرئاسة الجمهورية...
وتلقى بعض الأطباء الذين كانوا في المقدمة ضربات على رؤوسهم وظهورهم، إثر محاولتهم مقاومة رجال الأمن، كما تلقى آخرون ضربات بالعصي والهراوات، غير أنهم رفضوا العودة للوراء واختاروا المقاومة.
وتمكن الأطباء من "التحايل" على قوات الأمن من خلال إخفاء مآزرهم البيضاء داخل الحقائب والمحافظ حتى لا يتفطن رجال الأمن إلى أنهم أطباء، وتسللوا بين الأزقة بدل أن يمرّوا عبر الطريق الرئيسي، وتمكنوا من الوصول إلى قصر المرادية، وعند الساعة الحادية عشرة وهو موعد التجمع تفاجأت قوات الأمن بمجموعة من المواطنين في شارع الإخوة قاسم المقابل لمبنى الرئاسة وشارع علي حداد المتفرع عن شارع بكين الرئيسي في المرادية يخرجون المآزر البيضاء ويلبسونها أمام مبنى الرئاسة.
غير أن قوات الأمن كانت لهم بالمرصاد، حيث تحوّل تجمع الأطباء الأخصائيين والممارسين في الصحة العمومية إلى تجمع لقوات الأمن بكل أسلاكها بالزيين الرسمي والمدني، الحرس الجمهوري، الدرك الوطني، الشرطة القضائية، وبدا واضحا أن عدد رجال الأمن يفوق بكثير عدد الأطباء الذين جاءوا للتجمع، وفي حدود الحادية عشرة والنصف، اندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين في شارع علي حداد المقابل للرئاسة، إثر قيام قوات الأمن بنصب أحزمة أمنية لسد الطريق أمام الأطباء ودفعهم إلى الوراء بواسطة الحواجز الحديدية، وهو ما أدى إلى إصابة إحدى الطبيبات بالإغماء، وسقوط آخرين على الأرض، وتلقى بعض الأطباء الذين كانوا في المقدمة كدمات وضربات بالعصي، عندما كانوا يحاولون التصدي لقوات مكافحة الشغب، ورغم ذلك ظل الأطباء يهتفون مطالبين الرئيس باستقبالهم "بعد زيزو جاء دورنا لاستقبالنا"..، "أطباء ممارسون ولسنا إرهابيين".
وتمت محاصرة مبنى المرادية بأكثر من 40 سيارة تابعة لقوات الأمن والحرس الجمهوري، في حين تم استدعاء أكثر من 50 شاحنة لقوات مكافحة الشغب بقيت رابضة خلف مقر وزارة التربية في حالة تأهب تحسبا لأي إنزلاق أو طارئ.
كما منع ضباط الشرطة القضائية الصحفيين والمصورين من تغطية التجمع وأجبروهم على المغادرة وجردوا مصور "الشروق" من شريحة الذاكرة التي سجل بها الصور، قبل أن يرجعوها له في نهاية الأحداث، لكنهم أجبروه على مسح الصور، وهددوه بالتوقيف في سيارة الشرطة، وتعرض باقي الصحفيين لمضايقات، أدت إلى وقوع وقعت مشادات كلامية عنيفة بينهم وبين بعض ضباط الشرطة القضائية، الذين هددوا هؤلاء الصحفيين بالتوقيف في سيارات الشرطة، إذا لم يغادروا الشارع العمومي لطريق "علي حداد"، وعنفوهم بعبارات شديدة اللهجة، ومنعوهم من تغطية الأحداث، واضطر الصحفيون للتحايل على قوات الأمن من أجل أداء مهامهم.
وبعد حوالي ساعة من الشد والجذب والتدافع بين الأطباء وقوات مكافحة الشغب، والمزايدات الكلامية بين رجال الأمن والصحفيين، وافقت رئاسة الجمهورية على استقبال ممثلين عن الأطباء، وتقدم موفد أمني عن الرئاسة إلى رئيس النقابة الوطنية للأخصائيين في الصحة العمومية محمد يوسفي ورئيس النقابة الوطنية للممارسين في الصحة العمومية إلياس مرابط وطلب منهما الدخول لمبنى الرئاسة، حيث استقبلهما مكلف بالعلاقات العامة في رئاسة الجمهورية ووعدهما بالتكفل بمطالبهم المتمثلة في مراجعة القانون الأساسي ونظام التعويضات وباقي المشاكل خلال الأيام القليلة القادمة، وبعد حوالي ساعة خرج رئيسا النقابة من الرئاسة، وأبلغا المتظاهرين برسالة ممثل رئاسة الجمهورية، وقرروا على إثرها إنهاء التجمع ورفعوا النشيد الوطني، وغادروا المكان، غير أنهم قرروا البقاء في إضراب حتى يتلقوا "الملموس الذي وعدتهم به رئاسة الجمهورية".